من بين مئات المدعوين للحفل الرئاسي بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، حضر الصحفيون والمسؤولون الاداريون وممثلو مختلف الهيئات الممثلة للمجتمع المدني وقياديون من المؤسسة العسكرية، لكن غابت الأحزاب السياسية والفاعلون الاقتصاديون والنقابيون
هذه التركيبة التي تم اختيارها للاحتفال الرسمي باليوم العالمي للصحافة، تؤكد نظرة السلطة للاعلام، على أنه وظيفة من وظائف الدولة، تماما مثلما عرفه قانون الاعلام الذي صدر عام 1982، أي في عهد الحزب الواحد، وليس نشاطا حرا تنشطه مؤسسات إقتصادية تخضع لقواعد المنافسة وتمارسه نخبة مثقفة تحمل رسالة سياسية وثقافية واجتماعية، كما ينبغي أن يكون في ظل الدستور الذي يكفل حرية الرأي والتعبير ويكفل التعددية الحزبية والاعلامية والثقافية… ا
ونفهم من هذه التركيبة أيضا، مدى أزمة الثقة بين السلطة الفعلية والأحزاب السياسية التي ترمز لعهد بوتفليقة وكذلك الباترونة، لم تنته بعد، وقد لا تنتهي في ظل التغيرات التي فرضها الحراك الشعبي طيلة ثلاث سنوات، والمستمر في صمت رغم توقف المسيرات
أما الرسالة البارزة لعرس الصحافة، فيكمن في حضور الصحفي المعتقل سابقا، خالد درارني، ممثلا لمنظمة « مراسلون بلا حدود » الفرنسية غير الحكومية والمدافعة عن الصحفيين المعتقلين والمراقبة لانتهاكات حرية الصحافة عبر العالم. وكانت مصالح رئاسة الجمهورية حريصة على ظهور خالد درارني كنجم اللقاء، حيث كان الصحفي الشاب بعيدا عن مكان تواجد الرئيس عبد المجيد تبون، حين ناداه مدير الاتصال للرئاسة وقدمه للرئيس أمام كاميرات القنوات التلفزيونية والمصورين الصحفيين
قد يكون المشرفون على إستراتيجية الاتصال في الرئاسة بصدد البحث عن تزكية من « مراسلون بلا حدود » لواقع حرية الصحافة في الجزائر، لكن هذه الأخيرة أصدرت ترتيبها السنوي للدول من حيث احترامها لحرية الصحافة قبل موعد الحفل وتراجعت الجزائر في هذا الترتيب، ما يعني فشل إستراتيجية الرئاسة من هذه الزاوية. في حين توجد رسالة أخرى تلقاها أغلب من تابعوا اللقاء سواء قصدتها الرئاسة أو لم تقصدها، وهي رسالة التهدئة مع الصحفيين وكل المصنفين لحد اليوم، في خانة « الخبارجية » أو التآمر على الدولة
خالد درارني خطف الأضواء من أحمد بن سعادة، المنظر الرئيسي لحملة « مكافحة الخبارجية »، حيث لم يظهر هذا الأخير في الحفل إلا عبر صورة بعيدة يصعب التعرف عليه من خلالها. ما يرجح تخلي السلطة عن هذه النظرية مستقبلا. وحتى إن استمرت في توظيفها، فإن مفعولها عند الرأي العام سيتراجع كثيرا، إن لم يصبح منعدما
أما بالنسبة لأحمد بن سعادة، فقد حققت له الخدمات التي قدمها للسلطة خلال السنوات الماضية، عائدات مالية كثيرة، حيث تولت الوكالة الوطنية للنشر والاشهار، نشر كتبه وتوزيعها والترويج لها. كما استفاد من تغطية إعلامية كبيرة لمؤلفاته ومقالاته التي ينشرها في موقعه على الإنترنت
محمد أ