« إعلان للذين يترقبون الانسحاب. الرجل في الصورة مع فرحات عباس واجه يتم الوالدين في الشهر السادس من العمر ونجا من مرض الزائدة الدودية في قلب فزان (معقل جيش التحرير الوطني في ليبيا) ونجا من اليد الحمراء (منظمة سرية تديرها المخابرات الفرنسية لتصفية رموز الثورة وأصدقائها) ومن خلاف مع أوعمران
مات في سريره بعدما بلغ 77 عاما من العمر، سنة 2005. إنه سي البشير القاضي. والدي ». ا
هذه التغريدة نشرها الصحفي إحسان القاضي على تويتر في ماي من عام 2021، في ذكرى وفاة والده. وأرادها رسالة لمن يترقبون أن ينسحب من الساحة ويتوقف عن نشاطه السياسي وعمله كصحفي. وربما نسي إحسان أن يذكر هؤلاء أيضا، أن والده لعب دورا كبيرا في الاتفاق الذي حصل بين بن بلة والأفافاس، قبل أن يتدخل بومدين وينقلب على بن بلة وبقية القصة معروفة
إحسان القاضي هو ابن هذا المناضل في الحركة الوطنية منذ 1943، والذي كان من مفجري الثورة التحريرية، حيث أشرف على أولى عمليات تزويد جيش التحرير الوطني بالأسلحة عبر ليبيا التي كان فيها ممثلا لجبهة التحرير الوطني
« لم يكن صعبا في ليبيا نهاية عام 1954 في بداية عام 1955، العثور على كميات صغيرة من الأسلحة في حدود ما تسمح به إمكاناتنا المادية والبشرية القادرة على نقلها إلى الجزائر، والتي كانت متواضعة جدا. كانت الأسلحة في أغلب الأحيان بنادق « ستاتي » إيطالية أو بنادق « خماسي » ألمانية مخزنة عند الليبيين.
الليبيون استرجعوا أسلحة كثيرة في جميع أنحاء البلاد في نهاية الحرب العالمية الثانية. بعضهم باعها لنا هذه الأسلحة بسعر جيد. كما أصدقاء تعاطفوا مع القضية الجزائرية كميات أخرى ». يقول بشير القاضي في شهاداته التي نشرها عبر أعمدة يومية الوطن قبل وفاته
ولم يقتصر دور بشير القاضي على جمع الأسلحة وتنظيم نقلها إلى الجزائر، بل قام بالبحث عن مقرات لجبهة التحرير في ليبيا، و اقتنى « مزرعة صغيرة لصالح النظام » على حد تعبيره. ومن هذه المزرعة في نواحي طرابلس انطلقت أولى كميات الأسلحة نحو الحدود الليبية التونسية، وهناك « تولى الاخوة من حزب الدستور الجديد التونسي إيصالها إلى النمامشة، جنوب تبسة، إقليم الولاية الاولى » يضيف الراحل في شهادته
وقبل هذه المرحلة، كان بشير القاضي قد اجتمع مع الشهيد مصطفى بن بولعيد واحمد بن بلة، شهر أوت من عام 1954، واتفق الثلاثة على اتخاذ سبهة، في إقليم فزان، كنقطة انطلاق الرجال الذين سينقلون الأسلحة إلى الجزائر، عبر وادي سوف. لكن هذا المرر، لكن العملية لم تتم وتم تأجيل استعمال ممر « فزان- وادي سوف » إلى مرحلة أخرى، حيث استعمل لتموين فرق المجاهدين في مناطق التوارق
بشير القاضي من مواليد قرية شرفة أنبهلول، بدائرة عزازقة، ولاية تيزي وزو. القرية التي تحتضن واحدة من أقدم الزوايا القرآنية في الجزائر، أغلقها الاستعمار الفرنسي وحولها إلى ثكنة. كما هاجمتها الجماعات الارهابية في تسعينيات القرن الماضي واستولت على الكثير من أغراضها .
ومن قرية شرفة أنبهلول، انتقل بشير القاضي إلى جامع الزيتونة في تونس، حيث التحق بتنظيم الطلبة الجزائريين، تحت قيادة المرحوم عبد الحميد مهري. وآخر لقاء جمع سي بشير القاضي في الإطار السياسي، كان مع أحمد محساس الذي أسس معه حزب إتحاد القوى الديمقراطية. وكان ذلك بعد الاستقلال وأحداث أكتوبر 1988، لينسحب بعدها من الساحة نهائيا، وهو الآن يستريح في مقبرة بني مسوس بالعاصمة محمد إ